اتفقت الشيعة الامامية على أن البسملة آية من كل سورة بدئت بها ، وذهب إليه ابن عباس ، وابن المبارك ، وأهل مكة كابن كثير ، وأهل الكوفة كعاصم ، والكسائي ، وغيرهما ما سوى حمزة . وذهب إليه أيضا غالب أصحاب الشافعي ( 1 ) وجزم به قراء مكة والكوفة ( 2 ) ، وحكي هذا القول عن ابن عمر ، وابن الزبير وأبي هريرة ، وعطاء ، وطاوس ، وسعيد بن جبير ، ومكحول ، والزهري ، وأحمد بن حنبل في رواية عنه ، واسحاق بن راهويه وأبو عبيد القاسم بن سلام ( 3 ) وعن البيهقي نقل هذا القول عن الثوري ومحمد بن كعب ( 4)، واختاره الرازي في
تفسيره ونسبه إلى قراء مكة والكوفة وأكثر فقهاء الحجاز ، وإلى ابن المبارك والثوري ، واختاره أيضا جلال الدين السيوطي مدعيا تواتر الروايات الدالة عليه معنى ( 5 ) .
وقال بعض الشافعية وحمزة : " إنها آية من فاتحة الكتاب خاصة دون غيرها " ونسب ذلك إلى أحمد بن حنبل ، كما نسب إليه القول الاول ( 6 ) .
وذهب جماعة : منهم مالك ، وأبو عمرو ، ويعقوب إلى أنها آية فذة وليست جزء من فاتحة الكتاب ولا من غيرها ، وقد انزلت لبيان رؤوس السور تيمنا ، وللفصل بين السورتين ، وهو مشهور بين الحنفية ( 7 ) .
غير أن أكثر الحنفية ذهبوا إلى وجوب قراءتها في الصلاة قبل الفاتحة وذكر الزاهدي عن المجتبى أن وجوب القراءة في كل ركعة هي الرواية الصحيحة عن أبي حنيفة ( 8 ) .
وأما مالك فقد ذهب إلى كراهة قراءتها في نفسها ، واستحبابها لاجل الخروج من الخلاف ( 9 ) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 )
تفسير الآلوسي ج 1 ص 39 .
( 2) تفسير الشوكاني ج 1 ص 7 . ( * ) ( 3)
تفسير ابن كثير ج 1 ص 16 ..
( 4 )
تفسير الخازن ج 1 ص 13 .
( 5 )
الاتقان النوع 22 - 27 ج 1 ص 135 ، 136 .
( 6 )
تفسير الآلوسي ج 1 ص 39 .
( 7) نفس المصدر .
( 8 ) نفس المصدر .
( 9 ) الفقه على المذاهب الاربعة ج 1 ص 257 . ( * ) وفي هذه المسألة أقوال أخر شاذة لا فائدة في التعرض لها ، ولكن المهم بيان الدليل على المذهب الحق ويقع ذلك في عدة أمور :
1 - أحاديث أهل البيت :
وهي الروايات الصحيحة المأثورة عن أهل البيت - عليهم السلام - الصريحة في ذلك ( 1 ) وبها الكفاية عن تجشم أي دليل آخر بعد أن جعلهم النبي صلى الله عليه واله وسلم عدلا للقرآن في وجوب التمسك بهم والرجوع إليهم ( 2 ) .
1 - عن معاوية بن عمار قال : " قلت لابي عبد الله عليه السلام إذا قمت للصلاة أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في فاتحة القرآن ؟ قال : نعم . قلت : فإذا قرأت فاتحة القرآن أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم مع السورة ، قال : نعم " ( 3 ) .
2 - عن يحيى بن أبي عمران الهمداني قال : " كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام جعلت فداك ما تقول في رجل ابتدأ : ببسم الله الرحمن الرحيم في صلاته وحده في أم الكتاب فلما صار إلى غير أم الكتاب من السورة تركها ؟ فقال العباسي : ليس بذلك بأس ، فكتب بخطه : يعيدها - مرتين - على رغم أنفه ، يعني العباسي " ( 4 ) .
3- وفي صحيحة ابن أبي أذينة : " . . فلما فرغ من التكبير والافتتاح أوحى الله إليه سم باسمي فمن أجل ذلك جعل بسم الله الرحمن الرحيم في أول السورة ثم أوحى الله إليه أن احمدني فلما قال : الحمد لله رب العالمين ، قال النبي صلى الله عليه
واله وسلم في نفسه شكرا فأوحى الله عز وجل إليه قطعت حمدي فسم باسمي فمن أجل ذلك جعل في الحمد : الرحمن الرحيم مرتين ، فلما بلغ ولا الضالين قال النبي صلى الله عليه واله وسلم الحمد لله رب العالمين شكرا فأوحى الله إليه قطعت ذكري
فسم باسمي فمن أجل ذلك جعل بسم الله الرحمن الرحيم في أول السورة ثم أوحى الله عز وجل إليه إقرأ يا محمد نسبة ربك تبارك وتعالى قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد " ( 5 ) .
2 - أحاديث أهل السنة :
وقد دلت على ذلك أيضا روايات كثيرة من طرق أهل السنة نذكر جملة منها :
1 - ما رواه أنس قال : " بينا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسما فقلنا : ما أضحكك يا رسول الله ؟ قال : أنزلت علي آنفا سورة فقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر . . " ( 6 )
2 - ما أخرجه الدارقطني بسند صحيح عن علي عليه السلام : " أنه سئل عن السبع المثاني ، فقال : الحمد لله رب العالمين ، فقيل له : إنما هي ست آيات ، فقال : بسم الله الرحمن الرحيم آية " ( 7) .
3 - ما أخرجه الدارقطني أيضا بسند صحيح عن أبي هريرة قال :" قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: إذاقرأتم الحمد فاقرأوا بسم الله الرحمن الرحيم فانها أم القرآن ، وأم الكتاب ، والسبع المثاني. وبسم الله الرحمن الرحيم إحدى آياتها " ( 8 )
4 - ما أخرجه ابن خزيمة والبيهقي بسند صحيح عن ابن عباس قال : " السبع المثاني فاتحة الكتاب . قيل : فأين السابعة ؟ قال : بسم الله الرحمن الرحيم " ( 9 ) .
5 - ما أخرجه ابن خزيمة والبيهقي في المعرفة بسند صحيح من طريق سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال : " استرق الشيطان من الناس أعظم آية من القرآن : بسم الله الرحمن الرحيم " ( 10 ) .
6 - ما رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : " كان المسلمون لا يعلمون انقضاء السورة حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم ، فإذا نزلت بسم الله الرحمن الرحيم علموا أن السورة قد انقضت " ( 11 ) .
7 - ما رواه سعيد عن ابن عباس : " أن النبي صلى الله عليه واله وسلم كان إذا جاءه جبرئيل فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم علم أن ذلك سورة " ( 12) .
8 - ما رواه ابن جريج قال : " أخبرني أبي أن سعيد بن جبير أخبره، قال : ولقد آتيناك سبعا من المثاني قال : هي أم القرآن ، قال أبي : وقرأ علي سعيد بن جبير بسم الله الرحمن الرحيم الآية السابعة . قال سعيد بن جبير : وقرأها علي ابن عباس كما قرأتها عليك، ثم قال : بسم الله الرحمن الرحيم الآية السابعة. قال ابن عباس: فأخرجها الله لكم وما أخرجها لاحد قبلكم " ( 13)
إلى غير ذلك من الروايات . ومن أراد الاطلاع عليها فليراجع مظانها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) وللاطلاع على الروايات المذكورة يراجع فروع الكافي باب قراءة القرآن ص 86 ،
والاستبصار باب الجهر بالبسملة ج 1 ص 311 ، والتهذيب - باب كيفية الصلاة وصفتها ج 1 ص 153 ، 218 ،
ووسائل الشيعة باب أن البسملة آية من الفاتحة ج 1 ص 352 .
( 2 ) تقدم بعض مصادر هذا الحديث في الصفحة " 18 ، 398 " من هذا الكتاب .
( 3 ) الكافي ج 3 ص 312 ط دار الكتب الاسلامية .
( 4 ) نفس المصدر ص 313 . ( * )
( 5 ) الكافي ج 3 .
( 6 ) صحيح مسلم باب حجة من قال البسملة آية ج 2 ص 12 ، وسنن النسائي باب قراءة البسملة ج 1 ص 143 ،
وسنن أبي داود باب الجهر بالبسملة ج 1 ص 125 .
( 7 ) الاتقان النوع 22 - 27 ج 1 ص 136 ، ورواهما البيهقي في سننه باب الدليل على أن البسملة آية تامة ج 2 ص 45 . ( 8 ) نفس المصدر السابق .
( 9 ) نفس المصدر ، ورواه الحاكم في المستدرك ج 1 ص 551 .
( 10 ) نفس المصدر ص 135 ، ورواه البيهقي في سننه باب افتتاح القراءة في الصلاة ج 2 صفحة 50 .
( 11 ) مستدرك الحاكم ج 1 ص 232 قال الحاكم : هذا صحيح على شرط الشيخين .
( 12 ) مستدرك الحاكم ج 1 ص 231 . ( * ) ( 13 ) نفس المصدر السابق كتاب فضائل القرآن ص 550 .
الروايات المعارضة : وليس بإزاء هذه الروايات إلاروايتان دلتا على عدم جزئية
البسملة للسورة :
1 - إحداهما : رواية قتادة عن أنس بن مالك ، قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وأبي بكر وعمرو عثمان فلم أسمع أحدا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ( 1 ) .
2 - ثانيتهما : ما رواه ابن عبد الله بن مغفل يزيد بن عبد الله ، قال : " سمعني أبي وأنا أقول : بسم الله الرحمن الرحيم ، فقال : أي بني ! إياك قال : ولم أر أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كان أبغض إليه حدثا في الاسلام منه ،
فإني قد صليت مع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ومع أبي بكر وعمر ، ومع عثمان فلم أسمع أحدا منهم يقولها فلا تقلها ، إذا أنت قرأت فقل : الحمد لله رب العالمين " ( 2 ) .
والجواب عن الرواية الاولى : - مضافا إلى مخالفتها للروايات المأثورة عن أهل البيت عليهم السلام - أنها لا يمكن الاعتماد عليها من وجوه :
الوجه الاول : معارضتها بالروايات المتواترة معنى ، المنقولة عن طرق أهل السنة ، ولا سيما أن جملة منها صحاح الاسانيد ، فكيف يمكن تصديق هذه الرواية ؟ مع شهادة ابن عباس ، وأبي هريرة ، وأم سلمة على أن رسول الله كان يقرأ
البسملة ويعدها آية من الفاتحة ، وإن ابن عمر كان يقول : لم كتبت إن لم تقرأ ! " وإن عليا عليه السلام كان يقول : " من ترك قراءتها فقد نقص " وكان يقول : " هي تمام السبع المثاني "
الوجه الثاني : مخالفتها لما اشتهر بين المسلمين من قراءتها في الصلاة ، حتى أن معاوية تركها في صلاته في يوم من أيام خلافته ، فقال له المسلمون : " أسرقت أم نسيت ؟ " . ومع هذا كيف يمكن التصديق بأن رسول الله " ص " ومن بعده لم يقرأوها !
الوجه الثالث : مخالفتها لما استفاض نقله عن أنس نفسه فالرواية موضوعة ما في ذلك من شك .
والجواب عن الرواية الثانية : - وهي رواية ابن عبد الله بن مغفل - يظهر مما تقدم في الجواب عن الرواية
الاولى ، على أنها تضمنت ما يخالف ضرورة الاسلام ، فإنه لا يشك أحد من المسلمين في استحباب التسمية قبل الحمد والسورة ، ولو بقصد التيمن والتبرك ، لا لان البسملة جزء ، فكيف ينهى ابن مغفل عنها بدعوى أنها حدث في الاسلام !
3 - سيرة المسلمين :
لقد استقرت سيرة المسلمين على قراءة البسملة في أوائل السور غير سورة براءة ، وثبت بالتواتر أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كان يقرأها ، ولو لم تكن من القرآن للزم على الرسول الاكرم صلى الله عليه واله وسلم أن يصرح بذلك ، فإن
قراءته - وهو في مقام البيان - ظاهرة في أن جميع ما يقرأ قرآن ، ولو لم يكن بعض ما يقرأ قرآنا ثم لم يصرح بذلك لكان ذلك منه إغراء منه بالجهل وهو قبيح ، وفي ما يرجع إلى الوحي الالهي أشد قبحا ، ولو صرح الرسول صلى الله عليه واله وسلم بذلك لنقل الينا بالتواتر مع أنه لم ينقل حتى بالآحاد .
4 - مصاحف التابعين والصحابة :
مما لا ريب فيه أن مصاحف التابعين والصحابة - قبل جمع عثمان وبعده - كانت مشتملة على البسملة ، ولو لم تكن من القرآن لما أثبتوها في مصاحفهم ، فان الصحابة منعت أن يدرج في المصحف ما ليس من القرآن ، حتى أن بعض المتقدمين منعوا عن تنقيط المصحف وتشكيله . فإثبات البسملة في مصاحفهم شهادة منهم بأنها من القرآن كسائر الايات المتكررة فيه .
وما ذكرناه يبطل احتمال أن إثباتهم إياها كان للفصل بين السور . ويبطل هذه الدعوى أيضا إثبات البسملة في سورة الفاتحة ، وعدم إثباتها في أول سورة براءة . ولو كانت للفصل بين السور ، لاثبتت في الثانية ، ولم تثبت في الاولى . وذلك يدلنا قطعا على أن البسملة آية منزلة في الفاتحة دون سورة براءة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 )
مسند أحمد ج 3 ص 177 ، 273 ، 278 . و
صحيح مسلم باب حجة من لا يجهر بالبسملة ج 2 ص 12 . و
سنن النسائي باب ترك الجهر بالبسملة ج 1 ص 144 . وروى قريبا منه عن عبد الله بن مغفل .
( 2 )
مسند أحمد ج 4 ص 85 ، ورواه
الترمذي باختلاف يسير باب ما جاء في ترك الجهر بالبسملة ج 2 ص 43 . ( * )
واستدل القائلون بأن
البسملة ليست جزء من السورة بوجوه :
الوجه الاول : أن طريق ثبوت القرآن ينحصر بالتواتر ، فكل ما وقع النزاع في ثبوته فهو ليس من القرآن ، والبسملة مما وقع النزاع فيه .
والجواب أولا : أن كون
البسملة من القرآن مما تواتر عن أهل البيت عليهم السلام ولا فرق في التواتر بين أن يكون عن النبي صلى الله عليه واله وسلم وبين أن يكون عن أهل بيته الطاهرين بعد أن ثبت وجوب اتباعهم .
وثانيا : أن ذهاب شر ذمة إلى عدم كون
البسملة من القرآن لشبهة لا يضر بالتواتر ، مع شهادة جمع كثير من الصحابة بكونها من القرآن ، ودلالة الروايات المتواترة عليه معنى .
وثالثا : أنه قد تواتر أن النبي صلى الله عليه واله وسلم يقرأ
البسملة حينما يقرأ سورة من القرآن وهو في مقام البيان ، ولم يبين أنها ليست منه وهذا يدل دلالة قطعية على أن
البسملة من القرآن . نعم لا يثبت بهذا أنها جزء من السورة .
ويكفي لاثباته ما تقدم من الروايات ، فضلا عما سواها من الاخبار الكثيرة المروية من الطريقين . والجزئية تثبت بخبر الواحد الصحيح ، ولا دليل على لزوم التواتر فيها أيضا .
الوجه الثاني ما أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول : قال الله تعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل : فإذا قال العبد : الحمد لله رب العالمين ، قال الله تعالى : حمدني
عبدي ، وإذا قال : الرحمن الرحيم ، قال : أثنى علي عبدي وإذا قال : مالك يوم الدين ، قال الله تعالى : مجدني عبدي ، وإذا قال العبد : إياك نعبد وإياك نستعين ، قال الله تعالى : هذا بيني وبين عبدي ، ولعبدي
- البيان في تفما سأل ، فإذا قال : إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، قال : هذا لعبدي ، ولعبدي ما سأل " ( 1 ) .
وتقريب الاستدلال في هذه الرواية أنها تدل - بظاهرها - على أن ما بعد آية إياك نعبد وإياك نستعين يساوي ما قبلها في العدد ، ولو كانت
البسملة جزء من الفاتحة لم يستقم معنى الرواية ، وذلك : لان سورة الفاتحة - كما عرفت - سبع آيات ، فإن
كانت
البسملة جزء كان ما بعد آية : إياك نعبد وإياك نستعين آيتين ، ومعنى ذلك أن ما قبل هذه الاية ضعف ما بعدها ، فالفاتحة لا تنقسم إلى نصفين في العدد .
والجواب عنه أولا : أن الرواية مروية عن العلاء ، وقد اختلف فيه بالتوثيق والتضعيف .
وثانيا : أنه لو تمت دلالتها، فهي معارضة بالروايات الصحيحة المتقدمة الدالة على أن الفاتحة سبع آيات، مع
البسملة لا بدونها
وثالثا : إنه لا دلالة في الرواية على أن التقسيم بحسب الالفاظ ، بل الظاهر انه بحسب المعنى ، فالمراد أن أجزاء الصلاة بين ما يرجع إلى الرب وما يرجع إلى العبد بحسب المدلول .
ورابعا : أنه لو سلمنا أن التقسيم إنما هو بحسب الالفاظ فأي دليل على انه بحسب عدد الايات ، فلعله باعتبار الكلمات ، فإن الكلمات المتقدمة على آية " إياك نعبد وإياك نستعين " والمتأخرة عنها ، مع احتساب
البسملة وحذف المكررات عشر كلمات .
الوجه الثالث : ما رواه أبو هريرة :
من أن سورة الكوثر ثلاث آيات ( 2 ) ، وأن سورة الملك ثلاثون آية " ( 3 ) فلو كانت
البسملة جزء منها ، لزاد عددهما على ذلك .
والجواب : إن رواية أبي هريرة في سورة الكوثر على فرض صحة سندها معارضة برواية أنس ، وقد تقدمت ( 4) وهي رواية مقبولة روتها جميع الصحاح غير موطأ مالك ( 5 ) فرواية أبي هريرة مطروحة أو مؤلة بإرادة الايات المختصة ، فإن
البسملة مشتركة بين جميع السور ، وهذا هو جواب روايته في سورة الملك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) صحيح مسلم باب قراءة الفاتحة في كل ركعة ج 2 ص 6 ، وسنن أبي داود - باب من ترك القراءة في صلاته ج 1 ص 130 ، وسنن النسائي باب ترك قراءة البسملة في فاتحة الكتاب ج 1 ص 144 . ( * )
( 2 ) لم أعثر على هذه الرواية في كتب الروايات .
( 3 ) مستدرك الحاكم ج 1 ص 565 ، وصحيح الترمذي باب ما جاء في فضل سورة الملك ج 11 ص 30 ،
وكنز العمال فضائل السور والايات ج 1 ص 516 ، 525 .
( 4 ) في الصفحة 441 من هذا الكتاب .
( 5 ) تيسير الوصول ج 1 ص 199 . ( * )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والحمد لله رب العالمين
المصادر:
1_القرآن الكريم
2_البيان في تفسير القرآن
3_مقاصد السور في القرآن الكريم